في كتابه “المراهقون ولغات الحب الخمس” تحدث عالم الأنثروبولوجي جاري تشابمان عن فكرة “لغات الحب”، وعند نشر الكتاب حقق مبيعات كبيرة حتى أنه قد أعيدت طباعته أكثر من مرة ليصبح الكتاب الأكثر شعبية بين أهالي المراهقين، وليثبت أن الوالدين يتلهفان لمعرفة الطريق إلى قلوب أبنائهم وبناتهم في هذه المرحلة الحرجة من العمر.
ولكن ما “لغة الحب”؟
يشرح لنا تشابمان في الكتاب أن “لغة الحب” هي الطريقة أو الأسلوب الذي ينتهجه الإنسان للتعبير عن حبه لآخر سواء بالكلمات أو الأفعال، وهل هو بالفعل الأسلوب الذي يفضله الطرف الآخر فيستجيب ويفتح أبواب قلبه دون قيد أو شرط؟
في رأي تشابمان، هناك لغات للحب، وقد قسمها إلى خمس لغات أساسية مختلفة، وهناك من الناس من يتقبلها جميعا بنفس الدرجة، ومنهم من يفضل واحدة أو أكثر منها بدرجة أكبر من الباقيات، وهذه اللغات هي:
1 – التعبير عن الحب بالكلمات:
لا يعني ذلك مجرد كلمة “أحبك” المباشرة، ولكن أيضا تعبيرات الشكر والإطراء والتقدير كأن تقول الأم لابنتها المراهقة: “شكرا لك لمساعدتي في أعمال المنزل اليوم، لقد خففت عني كثيرا”، أو أن يقول الأب لابنه “إنك بالفعل تبذل مجهودا كبيرا وملحوظا في المذاكرة وأنا فخور بك وواثق من نجاحك”.
ويقول مؤلف الكتاب إن المراهقين الذين يفضلون كلمات التقدير والإطراء كوسيلة للتعبير عن الحب، يعشقون كذلك تلقي كروت المعايدة في المناسبات والرسائل المكتوبة عبر الإيميل، أو حتى ملحوظة جميلة على ورقة صغيرة يتركها لهم الأب أو الأم على مرآة غرفتهم أو داخل الحقيبة المدرسية.
2 – أوقات وذكريات طيبة مشتركة
يجب على الوالدين أن يجتهدا في تخصيص وقت معين كل أسبوع لقضاء لحظات ممتعة مع أبنائهم المراهقين، بحيث تبقى في ذاكرتهم لفترة طويلة. لا يهم المكان أو الحدث، المهم المشاركة والاستمتاع، فقد يقتصر الأمر على مشاركة الأبناء مشاهدة فيلم ممتع بالتليفزيون، أو الاشتراك في إعداد وجبة عائلية شهية بالمطبخ في جو يسوده المرح أو يتسع المنظور ليشمل نزهة رائعة في مدينة الملاهي أو تناول وجبة لذيذة في المطعم الذي يختاره الأبناء.
3 – لمحات وأفعال تدل على الحب والاهتمام
المراهق الذي يفضل الأفعال على الأقوال عندما يتلقى الحب من الآخرين، سيفرح كثيرا بأبسط اللمحات أو الخدمات التي يؤديها له الوالدان لأنه يعتبرها دلالة كبيرة على الاهتمام والحب. فإن كانت الابنة دائما تهمل ترتيب فراشها في الصبح، وخرجت من الحمام لتجد أن والدتها قد رتبته لها، ستشعر كم تهتم بها الأم وترعاها. يشمل ذلك أيضا تقديم الإفطار في السرير إذا كان الابن يشعر ببعض التعب أو غيرها من الأمور.
4 – تقديم الهدايا
يجب أن يكون اختيار الهدايا من منطلق اهتمامات وتفضيلات واحتياجات الأبناء، لأنها تعكس كم الاهتمام والتفكير والمجهود الذي يبذله الكبار من أجلهم. ولا حاجة للمبالغة في القيمة المادية للهدية، ولا مانع كذلك لو كانت مصنوعة يدويا مثل نوع الحلوى المفضل للابن أو ما شابه.
5 – اللمسات الحانية
المؤلف يحذر الوالدين من الإفراط في استخدام اللغة الخامسة، وهي لغة اللمسات الحانية، لأن الدراسات والأبحاث وجدت أن المراهقين لا يفضلون هذه اللغة في سنهم هذا، ورغم أنهم كانوا يستمتعون للغاية عندما كانوا صغار بقبلات وأحضان والديهم، فإنهم لا يميلون لتلقيها في أغلب الأحيان في هذه المرحلة.
ورغم تأكيد المؤلف أن لغات الحب هذه تعتبر تقريبا ثابتة بالنسبة لكل الناس وكل الفئات العمرية، فإن الوالدين يحتاجان إلى “تحدثها بطريقة معينة وخاصة” عند التعامل مع أبنائهما في مرحلة المراهقة.
وإذا كان بعض الآباء والأمهات يجد صعوبة في التعرف على لغة الحب المثلى التي يفضلها أبناؤهم في مرحلة المراهقة، فكل ما عليهم هو ملاحظة الأبناء عن قرب، والتعرف على الطرق التي يستخدمونها هم أنفسهم في التعبير عن حبهم لوالديهم وإخوتهم وأصدقائهم، فطبقا للعالم تشابمان، فإن الإنسان في الغالب يعبر عن حبه للآخرين بنفس الطريقة التي يفضل أن يتلقى بها الحب منهم. فإن كان المراهق يظهر حبه وتقديره للآخرين بامتداحهم أو إطرائهم بكلمات رقيقة، فهذا دليل كبير على إنه هو نفسه يفضل أن يمتدحه ويطري عليه من يحبونه عندما يفعل أو يقول شيئا طيبا. وبهذا تكون اللغة الأولى هي المفضلة بالنسبة له .